مرسوم الجمعيات الشبابية الجديد: مجحف بحق الشباب والمواطن
خلال الأشهر الماضية الأخيرة، رصدت "مجال" عدداً من التطورات والمحاولات المختلفة على صعيد قوننة العمل الأهلي والمدني وإعادة تنظيمه وإعطائه دفعاً جديداً بحيث يتجاوب بصورة أفضل مع التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي يواجهها لبنان.
ومن بين هذه التطورات والمحاولات، نذكر على سبيل المثال لا الحصر، النقاشات حول تعديل قانون المنفعة العامة، والمراسيم الجديدة الخاصة بجمعيات الشباب والرياضة والكشافة، وشرعة المواطن، والبدء بتنفيذ قانون حقوق المعوق، وتضافر جهود الجمعيات الأهلية لتشكيل اتحادات ومجموعات ضغط ومناصرة، ومشروع شرعة الجمعيات التي تقدم بها مرصد الديمقراطية، وتطور العلاقة بين مجلس النواب وأوساط الجمعيات الأهلية، كتجربة منتدى الحوار البرلماني الخ...
إلا أنه يبقى إصدار مرسوم رقم 6997 الذي يحدد الشروط التي تخضع لها جمعيات الشباب والرياضة والكشافة، وبدون أدنى شك، أبرز تلك التطورات. فقد صدر مرسوم جمعيات الشباب والرياضة والكشافة في 24/12/2001 ونشر في العدد الثاني من الجريدة الرسمية بتاريخ 10/1/2002. وجاء المرسوم الجديد ليحل محل المرسوم رقم 9104 تاريخ 11 أيلول 1996 وتعديلاته، والخاص بتحديد شروط إنشاء تلك الجمعيات وإلغائها وممارستها. وقد قسم المرسوم الجديد الجمعيات الشبابية والرياضية والكشفية إلى جمعيات رياضية واتحاداتها، واللجنة الأولمبية اللبنانية، والجمعيات الكشفية واتحاداتها وجمعيات الشباب واتحاداتها. وتضمن القسم الأخير تصنيفات فرعية هي: جمعيات النشطات الشعبية والفلكلورية، وجمعيات بيوت الشباب، وجمعيات نشاطات الهواء الطلق، وجمعيات مخيمات العمل التطوعي وصيفيات الأولاد، وجمعيات النشاطات التثقيفية والترويحية والفكرية، والجمعيات التدريبية للأنشطة الشبابية، واتحادات الجمعيات المذكورة. وقد ضم المرسوم 95 مادة وزعت على 5 أبواب هي: أحكام عامة، الجمعيات الرياضية واتحاداتها، الجمعيات الكشفية واتحاداتها، جمعيات الشباب واتحاداتها وأحكام انتقالية وختامية.
وتستدعي لمحة سريعة وأولية للمرسوم، خصوصاً بنود الأحكام العامة وجمعيات الشباب، إبراز عدد من الملاحظات هي التالية:
1. يعطي المرسوم انطباعاً عاماً تقييدياً إذ يغالي في تحديد القوانين والشروط.
2. يستند المرسوم على مبدأ منح الرخص وليس على العلم والخبر، وهو أمر يتناقض مع حرية المواطن في تشكيل الجمعيات التي يكرسها الدستور اللبناني.
3. يحدد المرسوم حصراً النشاطات التي يمكن للجمعيات الشبابية مزاولتها، وهو ما يتعارض مع حق الشباب ومنظماتهم في حرية اختيار النشاطات التي تناسبهم.
4. يحصر المرسوم مفهوم العمل التطوعي في جمعيات المخيمات التطوعية، إذ تقول المادة 75 أنه لا يجوز إنشاء وإدارة نشاطات العمل التطوعي إلا من قبل جمعيات مرخص بها لهذا الهدف. ويتعارض هذا البند مع حقيقة كون النشاطات الشبابية في مجملها تقريباً وعمل الجمعيات إجمالاً تطوعية أساساً.
5. قسمت المادة التاسعة من المرسوم الجمعيات إلى فئات وفقاً لنشاطها، ولم توضح إذا ما كان يحق للجمعية الواحدة مزاولة نشاطات تندرج ضمن أكثر من فئة، أو أنها يجب أن تكون من لون واحد.
6. تخضع المنظمات الشبابية والرياضية والكشفية إلى ترخيص مزدوج من وزارتي الشباب والداخلية.
7. وأخيراً، لا يبين المرسوم السبل وآليات الاعتراض على قرارات إلغاء الترخيص، وهو ما يتعارض مع أبسط حقوق الأشخاص والهيئات في الدفاع عن حقوقها واستئناف القرارات الرسمية.
إن هذه الإطلالة الأولية والسريعة على بنود المرسوم تشير إلى استمرار المنحى السابق في تقييد فسحة الحريات المدنية للمواطن على الرغم من أن المرسوم الجديد كان من المفترض أن يأتي ليخفف من الاعتراضات التي واجهت مرسوم 1996.
من المؤسف أن تؤدي أولى تجارب تنظيم عمل الجمعيات إلى تضييق فسحة الحريات المدنية وأن تكون قد طالت فئة الشباب التي بحاجة إلى الدعم والرعاية لكونها أكثر معاناة من الأوضاع السائدة حالياً ولأنها تشكل أمل المستقبل.